الاثنين، 26 ديسمبر 2016

وَدّعْتُ شَهْباءَ // للشاعرة ريما الدغرة البرغوثي


وَدّعْتُ شَهْباءَ
أزرتْ بقافيتي والحرفِ آهاتي
ويسخرُ الجفنُ من جمرٍ بدمعاتي
في لحظةِ الهجرِ باتَ القولُ في شللٍ
عيَّ اللسانِ فهلْ بالصبحِ من آتِ
ها قد أطلَّ غرابُ البينِ ينعقُها
يجولُ في جوِّها واحَرَّ ويلاتي
غابتْ من الأرضِ إشعاعاتُ أغنيةٍ
يَبُثُّها الأهلُ في أسحارِ ليلاتي
وجفَّ نبعٌ سَرَى يَغْفُو بِمُهْجَتِها
حتى بكى الغَيْمُ من أصواتِ أنّاتي
وصاحَ في القلبِ نبضٌ قالَ وا أَسَفِي
على ثراكِ الّذي تُشْجيهِ أَصْواتِي
يا عابرًا في ذُراها هلْ وقفْتَ بِها
وهلْ سمعْتَ بِذي الجدرانِ صَيْحاتي
خَفِّفْ هُديتَ خُطًى في الأرضِ تَرْسِمُها
دِماؤُهمْ خَضَّبَتْ تلكَ المَمَرّاتِ
فَفِي ثَراها دماءٌ في الربى انتشرَتْ
وفي ذُراها شظايا من حُطاماتِ
فرسانُها في خِضَمٍِ الرّملِ قَدْ رَحَلُوا
ومُهرُها الفذُّ يَهْذي في الرِّواقاتِ
وسابقَ القَهرُ بَسْماتٍ بها ارتحلَتْ
وبارزَ الريحُ أقدارَ اللقاءاتِ
حتى تناءتْ لأرضِ الغربِ خَطوَتُهمْ
قد سحَّ فيها ذَوُو الأحلامِ عَبراتِ
جاستْ بأربُعِها أيدٍ بها نَسجتْ
من الضحايا وذي الأشلاءِ كُرْباتِ
يا من تمرُّ بِشَهْبا اليومَ خذْ نَفَسًا
ولْتقْطِفِ الجُرحَ من مذبوحِ نخلاتي
قد أبلحَتْ نخلةُ الآلامِ وانتفضَتْ
واهتزَّتِ الأرضُ بركانًا بلوْعاتِ
في هدأةِ الثَّلجِ يسري الطفلُ مرتجِفًا
فيكتوي ألمًا عذبُ البراءات
ِ 
قد غادرَ الرَّبْعُ في الأهوالِ مرتعَهُمْ
وودَّعوهُ ضحًى عهدَ الصباباتِ
ما عادَ للزَّهرِ عطرٌ في أزِقّتِها
والهفتاهُ فهلْ أنجو بِلهْفاتي
والوردُ ناحَ ونادى يا أحبتَنا
ضاعتْ عطوري وهزَّ النأيُ شوكاتي
يا عابرًا في ربوعٍ عزَّ مَطْلبُها
قفْ واروِ عنّي دموعًا مِنْ عَذاباتِي
وناجِ طيْرًا بأطلالٍ لها غَرِدًا
كيْ يُوصلَ الشوقَ منّي عبرَ قُبْلاتِي
أخبرْ بيوتًا بِها جُدْرانُها سَجَدَتْ
تدعو الإلهَ بإخلاصٍ وإخباتِ
ما عادَ للطّيرِ تغريدٌ بِرَبْوَتِها
والدّمْعُ يَهْمي جوًى والدّرْبُ وَجْناتِي
وَدّعْتُ شهباءَ يا قَوْمِي وفي كَبِدي
طَعْنُ الخناجرِ أوْدى بي لعِلاّتِ
وَقَفْتُ أَرْنُو لِدِفْءٍ فيكِ أحضُنُهُ
أيامَ كنّا على عهدِ الشّقاواتِ
فسَاحَتِ الرّوحُ نحْوَ القدسِ تَرْمُقُها
فَمِنْ لَظاهَا تَذوبُ اليَوْمَ شَمْعَاتِي
مَسْرَى الرّسولِ بها قد جفَّ مَدْمَعُهُ
إذْ يَشْتَكي في رُبوعِ القَهْرِ حَسْراتِ
وَجُلْتُ نَحْوَ سَمَاءِ العُرْبِ تَعْصِرُني
آلامُ قَوْمِي وأخْبارُ المُلِمّاتِ
زوراءُ تَبْكِي ودَمْعُ النّخِلِ يَصْحَبُها 
في الرّافِدَيْنِ اخْتَفَى وَهْجُ المَناراتِ
وفي الجَنوبِ يَمانٌ كانَ أسْعَدَها
واليومَ قدْ وَدّعَتْ عَهْدَ المَسَرَّاتِ
لِلّهِ دَرُّكُمُ أبناءَ جِلْدَتِنا
مِنّي إلَيْكُمْ شَظايا مِنْ تَحِيّاتي
## ريميّات
ريما الدغرة البرغوثي
23/12/2016 الجمعة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق